هو عبارة عن تحفة معمارية وقصر أسطوري لا تغيب الشمس عن حجراته، يقع في
منطقة مصر الجديدة.
القصر
بمجرد اختيار المليونير البلجيكي للمكان الذي سيعيش فيه -وهو الطريق الصحراوي شرق القاهرة- عكف البارون
“إمبان” على دراسة الطراز المعماري الذي سيشيد به بيته في القاهرة.. ولأن البارون كان مهتما
أيضا بفن العمارة
فقد اتخذ قرارا بأن يقيم قصرا لا مثيل له في الدنيا كلها.
ولكن بقي اختيار الطراز المعماري مشكلة تؤرق البارون حتى عثر على ضالته المنشودة داخل أحد
المعارض الفنية
في العاصمة الفرنسية، ففي هذا المعرض وقعت عيناه على تصميم لقصر غاية في الروعة أبدعه
فنان فرنسي
اسمه “ألكسندر مارسيل”.. كان التصميم شديد الجاذبية وكان خليطا رائعا بين فن العمارة الأوروبي وفن
العمارة
الهندي.
بارون أصيل
تذكر البارون أنه في أثناء إقامته بالهند عندما ألم به مرض شديد كاد يودي بحياته
اهتم به الهنود واعتنوا بصحته
وأنقذوه من الموت المحقق. وتذكر البارون “إمبان” القرار الذي اتخذه أيامها بعد شفائه بأن يبني
أول قصوره الجديدة
على الطراز الهندي عرفانا منه بالجميل لأهل هذا البلد.
لم يتردد البارون “إدوارد إمبان” للحظة.. اشترى التصميم من “مارسيل” وعاد به إلى القاهرة، وسلم
التصميم لعدد
من المهندسين الإيطاليين والبلجيكيين ليشرعوا في بناء القصر على الربوة العالية التي حددها لهم البارون
في
صحراء القاهرة.
بعد خمس سنوات.. خرجت التحفة المعمارية من باطن الصحراء.
قصر فخم جملت شرفاته بتماثيل مرمرية على شكل أفيال وبه برج يدور على قاعدة متحركة
دورة كاملة كل ساعة
ليتيح للجالس به مشاهدة ما حوله في جميع الاتجاهات.
والقصر مكون من طابقين وملحق صغير بالقرب منه تعلوه قبة كبيرة، وعلى جدران القصر توجد
تماثيل مرمرية رائعة
لراقصات من الهند وأفيال لرفع النوافذ المرصعة بقطع صغيرة من الزجاج البلجيكي وفرسان يحملون السيوف
وحيوانات
أسطورية متكئة على جدرن القصر. واللافت للنظر أنه تم إنشاء القصر بحيث لا تغيب عنه
الشمس.
أشباح ليلية
معظم الأقاويل التي جعلت “قصر البارون” بيتا حقيقيا للرعب تدور حول سماع أصوات لنقل أساس
القصر بين حجراته
المختلفة في منتصف الليل، والأضواء التي تضيء فجأة في الساحة الخلفية للقصر وتنطفئ فجأة أيضا،
وتبلغ درجة
تصديق السكان المجاورين للقصر حدا كبيرا، فيصرح بواب إحدى العمارات المواجهة للقصر بأن الأشباح لا
تظهر في
القصر إلا ليلا، وهي لا تتيح الفرصة لأحد أن يظل داخل القصر مهما كان الثمن.
ويكمل قائلا: إن ما يقال عن وجود الأشباح صحيح، والذي يؤكد ذلك ما حدث في
عام 82 حيث شاهد العديد من
المارة دخانا ينبعث من غرفة القصر الرئيسية ثم دخل في شباك البرج الرئيسي للقصر، بعدها
ظهر وهج نيران ما
لبث أن انطفأ وحده دون أن يعمل على إطفائه أحد.
لماذا؟
يظل هذا السؤال مطروحا لدى كل من سمع عن قصر البارون والشائعات التي تنتشر حوله..
لماذا هذا البناء بالذات؟
ربما كانت حياة البارون التعسة هي أحد أهم الأسباب التي زادت من قصص الأرواح التي
تناقلها الناس لمائة عام.
فقد ولد البارون “إمبان” بعرج ظاهر في قدميه هذا بالإضافة إلى كونه مريضا بالصرع، وكثيرا
ما كانت تنتابه النوبات
الصرعية فيقع في حديقة قصره وتشرق عليه الشمس وكلبه يقف بجانبه إلى أن يفيق، فالبارون
لفرط صرامته لم
يكن يستطيع أحد من الخدم الاقتراب منه إلا بأمره، حتى لو كان ملقى على الأرض
فاقد الوعي. ولكن هذا فيما
يخص البارون فماذا عن القصر؟
الغرفة المسحورة
السبب في الغموض الذي يحيط بالمنزل أنه يوجد في القصر غرفة حرّم “البارون إمبان” دخولها
حتى على ابنته
وأخته البارونة “هيلانة” وهي الغرفة الوردية ببدروم القصر، وهذه الغرفة تفتح أبوابها على مدخل السرداب
الطويل
الممتد لكنيسة البازيليك والتي دفن فيها البارون بعد موته.
أخت البارون
من الأسباب التي أدت إلى زيادة الغموض هو مقتل أخت “البارون” -البارونة “هيلانة”- بعد سقوطها
من شرفة
غرفتها الداخلية وقتما كان يدور البارون ببرج القصر ناحية الجنوب، وتوقفت القاعدة عن الدوران في
تلك اللحظة بعدما
هب البارون لاستطلاع صرخات أخته، وكانت هذه هي الشرارة الأولى لقصص الأشباح التي تخرج من
غرفة أخت
البارون لغرفته الشخصية.
وهو ما جعل القصص الشعبية تشير إلى أن روح البارونة “هيلانة” سخطت من تأخر البارون
في إنقاذها، وهو ما
عطل تروس دوران البرج الدائر التي لم تدر منذ ذلك الحين حتى موت البارون نفسه
عام 1928.
فيما كانت -حسب الأقاويل أيضا- تسمع أصوات مختلفة بعضها شجار وبعضها صراخ للبارون وأخته التي
كانت قد
ماتت بالفعل ودفنت جثتها في مكان ما بصحراء مصر الجديدة، ومنذ ذلك الحين وأهالي حي
مصر الجديدة القدامى
يعتقدون أن البارون “إمبان” كان قد نجح بعد وفاة أخته في تحضير روحها للاعتذار عن
عدم مبادرته بسرعة إنقاذها
بعد سقوطها من غرفتها وربما عدم قبول روح أخته الاعتذار هو الذي أدخله مرحلة اكتئاب
أدت في النهاية لوفاته.
للغموض ثمن
وخلال الأعوام الثلاثين الماضية زادت اهتمامات الكثيرين من المغامرين بمبنى القصر، وبعضهم كان يفضل إقامة
حفلات الشواء أعلى برجه الذي كان يدور يوما ما، لذلك ارتبطت سيرة القصر -غير أي
مبنى آخر في القاهرة- بكثير
من الظروف التي أضافت حوله هالة من الإثارة والغموض وربما هذا ما يفسر ظهور أكثر
من كتاب في السوق يتناول
“قصة قصر الأشباح الذي كان يملكه البارون إمبان”..
معلومات عن قصر البارون